الثلاثاء، 3 أكتوبر 2023

وداع غير مقصود



لم أتجاوز أبدًا نظرته تلك

كانت محملة بعتب حزين

يده الدافئه تحتضن يدي بحب

كأنه مدرك بعمق روحه أن ذاك

هو لقاؤنا الأخير…..

وأنا أغادره على عجل

أقبله على عجل

ألملمني على عجل

كما لو أنني

حتماً

 سألتقيه غداً!

حتماً سألتقيه

ولو بعد غد

أو بعد بعد غد

أو بعد

بعد بعد

بعد

غد……..


الأربعاء، 26 يوليو 2023

أبي عبدالله

 




كان سحره القديم كائناً فوق دكّته القديمة

بمجرد أن جلسنا هناك

دَفِئَ فنجان القهوة

ودَفِئَ قلبي

تألّقت العيون

وعَلَت القهقهات

شعور غريب كان يضغط بهدوء على فؤادي

يعتصره بلطف

كان حضوره طاغيًا رغم وفاته منذ ما يزيد عن العشرين عام

كما لو أن أنفاسه

عالقه في حجر البناء

وحديد الشبّاك الصدئ

وجذور النعناع

ونخلةٌ رؤوم، تضم باباً صغيراً

كان طريقهُ ليؤذن لكل فرض..

كان يتسرب من النوافذ حضوره الحنون …

بثوبه الشتويّ الأنيق

وصدرية مهندمة

ومعطف مخطط طويل

من ذات اللون

شامخاً

يتوكأ على "غدّاره" فضّية

باسماً، ممازحاً، ودوداً،

أو حزيناً

ولا أذكره غاضباً أبداً..!

لا أذكره غاضباً

أبداً.

الأربعاء، 31 أغسطس 2022

 






.

.


كنت أظنني لم أصل بعد
لذاك المدى من الحرية
الحرية من الآخرين
لأرتكب الغياب الذي سيشفي كل جروحي
لأتخلى
تماماً
عن كل ما يحمل شظية قد تصيبني من جديد
كنت أظنني لا زلت مرتعبة
من فكرة الندم
من أن يحضر فراق حقيقي!
من أن يتخطفنا الموت ونحن متباعدين..
فأرمم جسور الوصال كلما تفكرت
وأهدمها كلما تألمت...
لكنني الآن 
هنا وحدي
أغسل قلبي الذي تعفنت جروحه
وملأها الدود
دون أن يكترث له أحد! 
لم أعد ألتفت ورائي
لم أعد آبه للجسور
قامت أم هُدمت...
لم أعد أخشى الندم
"كل نفس ذائقة الموت"؟  
لكنني قد أموت أولاً!
قد أكون قتلت نفسي!
إذا بقيت أحسو السم كلما سكبوا لي القهوة
إذا عصرت قلبي حتى ينقطع نبضه كلما تبادلنا الحديث
كلما استمعت للكذب حتى تنزف أذنَيّ
وكلما شممت النفاق حتى تضيق رئتَيّ
أوليس قتل النفس كبيرة من الكبائر؟ 
أنا اليوم تركتهم
أحترز من الكبائر!...


.

.


الثلاثاء، 23 أغسطس 2022


.

.

كأن الحياة ما عادت الحياة

مجرد عيش مرير

يوم يتلوه يوم...

تنهّد...

حتى كاد قلبه أن ينخلع..

لكن الهواء لم يصل بعد للعمق العَطِش في رئتيه...

مختنق للغاية....

رغم أن الطبيب يخبره أن نسبة الأكسجين مثالية..

صحته جيده..

لكن!

شيء ما قد انفجر في جوفه..

فضاقت عليه أوعيته وشرايينه

تمنى

لو يتمكن من خلع جسده عن روحه المثقلة...

ليرتاح يوماً

أو بعض يوم..

وكان على يقين أن كل شيء بعد ذلك

سيعود كما كان!.......

.

.

الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

Daydream....


في مقتبل العمر
حلمتُ كثيراً
حلمتُ طويلاً
بقصرٍ مُذهَّب
ومال وجاه
وحشم وخدم
كانت أمي تعلمني كيف أعجن الخبز البلدي
وكنت أعجن
وأعجن
وأنا ابنة سنوات ثمان
وأحلم أنني سأتحدث عن هذه اللحظة
لصديقاتي الأرستقراطيات
فيضحكن مُكذّبات
وأضحك وأنا أقسم لهن
أنني عجنت عجيناً
بيديَ المخملية
ذات البشرة القطيفية
فيتلمسّنها متعجبات
كُنت أتبسم أمام طاسة العجين
ثم أتنبّه
لأخفي عن أمي سرحاني وهيامي في وادٍ بعيد
أبعد ما يكون
عن تلك الطاسة التي جار عليها الزمان
فاعّوَجّت من جانبين
والعجين الذي تعب مني ولم "أُنجِحُهُ" بعد
والمطبخ الصغير
الذي يتسع بالكاد
لي،
ولأمي، 
ولطاسة العجين......

كبرت قليلاً
إثنا عشر عاماً
أو تزيد
تغيرتُ أنا 
وتغيرت أحلامي
ولكنني..
ما زلت أحلم...
حلمتُ كثيراًً 
حلمتُ طويلاً
حلمت بأني سأغدو
شاعرة عظيمة
وأديبة بليغة
خنساء عصرها
أو تماضر زمانها
لكنني
عرفت يوما
أن الشعر فضيحة 
وقد يعدُّه البعض جريمة
فوأدتُ أبياتي
وأخفيت سرحاني وهيامي.....

كبرت أكثر 
وتغيرتُ أكثر
ولكنني لم أزل
أحلم
دون أن أتوب
عن الأحلام الغريبة
حلمتُ كثيراً
حلمتُ طويلاً
وقد داخلني التأثر بما كنتُ أقرأ 
فتخيلتني وقد غدوت روائية شهيرة
بوليسية كما يُقال
لا يقرأ القارئ صفحة من روايتي
حتى يؤخذ لُبّه
ولا يطيق صبراً أن يترك الكتاب
حتى يقرأ السطر الأخير.... 
وداخلني الغرور
فتخيلت أنني -لعظيم عقليتي البوليسية-
شخص يدعوه المحققون
ويرجوه المدّعون
لأطّلع على قضايا أنهكتهم
فأحلّ أمرها لهم بكلمتين
وأمضي وقد غدوا لي مدينين
وكان هذا الحلم يخيفني قليلاً
حتى تأكدت أنه هو الآخر جريمة
فأخفيته ومضيت
.......

كبرتُ أكثر
وأكثر
ومضى العمر
يجري
حتى أدركت أنني تغيرت 
تماماً....
أصحو كل يوم
أتلمس قوت يومي
وعافيتي
وأماني....
فأُوقن في طمأنينة
أنني كمن حيزت له الدنيا....
فلم أعد بحاجة
لأحلم....

لكنني...
رغم ذلك...
لا زلت أحلم...
بخيرٍ عظيم...
وصدقٍ يقين....
وقصور من لؤلؤ....
ورمالٍ تتلألأ...
ورياحين وأزهار...
وبساتين وأنهار....
ونمارق مصفوفة....
وزرابيّ مبثوثة...
بلا نَصَبٍ ولا تعب...
حلمتُ كثيراً،...
حلمت طويلاً.....
حتى أدركتُ 
بأن الدنيا
ما عادت تتسع لأحلامي....






 


الأحد، 6 يونيو 2021

رؤيا....

 




حقيقة

كنتَ أمامي...

ورائحتك تملأ أنفاسي...

ودفء صدرك الحاني

يمتد إلى عروقي

فيكسر برد الفراق الطويل

الطويل

وصوت أذان أبي

يطرق مسامعنا

فتتبسم أنت 

وأتبسم أنا

نتخيل سعده بحضورك

إذا أشرق من مسجده....

أنظر إليك

فلا يزيغ عنك بصري

خشية أن تكون حلماً

وتختفي....

فمتى متى

أراك يوماً

فألملم شتات صورتك التي بعثرتها السنون داخلي

وأرتبها في فؤاديَ من جديد!

ومتى 

متى!!....

نجتمع معاً

كرؤياً يوسفية

أحد عشر كوكباً

والشمس والقمر


الاثنين، 21 سبتمبر 2020

شتاء

 

كُنتُ أحب الشتاء

لأنه موسم النوم اللذيذ

وكوب المشروب الدافيء

الذي تقدمه أمي بعد العصر

والعشاء الساخن

والقرصان والحساء

والنوم في ضوء المدفأة

بجوار أمي

بدفء أمي

كان موسماً كسولاً

طويل المتعة

أقرأ فيه حتى أملّ الكتب وتملّني..

كُنت أحب الشتاء

لأنه موسم الخمول...

لكنني حين غدوتُ أماً

عرفت أن الأم

لا تخمل في موسم الخمول

لقد خملنا جميعاً في الشتاء

لكن أمي كانت نحلةً

في كل حين ❤️