الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

Daydream....


في مقتبل العمر
حلمتُ كثيراً
حلمتُ طويلاً
بقصرٍ مُذهَّب
ومال وجاه
وحشم وخدم
كانت أمي تعلمني كيف أعجن الخبز البلدي
وكنت أعجن
وأعجن
وأنا ابنة سنوات ثمان
وأحلم أنني سأتحدث عن هذه اللحظة
لصديقاتي الأرستقراطيات
فيضحكن مُكذّبات
وأضحك وأنا أقسم لهن
أنني عجنت عجيناً
بيديَ المخملية
ذات البشرة القطيفية
فيتلمسّنها متعجبات
كُنت أتبسم أمام طاسة العجين
ثم أتنبّه
لأخفي عن أمي سرحاني وهيامي في وادٍ بعيد
أبعد ما يكون
عن تلك الطاسة التي جار عليها الزمان
فاعّوَجّت من جانبين
والعجين الذي تعب مني ولم "أُنجِحُهُ" بعد
والمطبخ الصغير
الذي يتسع بالكاد
لي،
ولأمي، 
ولطاسة العجين......

كبرت قليلاً
إثنا عشر عاماً
أو تزيد
تغيرتُ أنا 
وتغيرت أحلامي
ولكنني..
ما زلت أحلم...
حلمتُ كثيراًً 
حلمتُ طويلاً
حلمت بأني سأغدو
شاعرة عظيمة
وأديبة بليغة
خنساء عصرها
أو تماضر زمانها
لكنني
عرفت يوما
أن الشعر فضيحة 
وقد يعدُّه البعض جريمة
فوأدتُ أبياتي
وأخفيت سرحاني وهيامي.....

كبرت أكثر 
وتغيرتُ أكثر
ولكنني لم أزل
أحلم
دون أن أتوب
عن الأحلام الغريبة
حلمتُ كثيراً
حلمتُ طويلاً
وقد داخلني التأثر بما كنتُ أقرأ 
فتخيلتني وقد غدوت روائية شهيرة
بوليسية كما يُقال
لا يقرأ القارئ صفحة من روايتي
حتى يؤخذ لُبّه
ولا يطيق صبراً أن يترك الكتاب
حتى يقرأ السطر الأخير.... 
وداخلني الغرور
فتخيلت أنني -لعظيم عقليتي البوليسية-
شخص يدعوه المحققون
ويرجوه المدّعون
لأطّلع على قضايا أنهكتهم
فأحلّ أمرها لهم بكلمتين
وأمضي وقد غدوا لي مدينين
وكان هذا الحلم يخيفني قليلاً
حتى تأكدت أنه هو الآخر جريمة
فأخفيته ومضيت
.......

كبرتُ أكثر
وأكثر
ومضى العمر
يجري
حتى أدركت أنني تغيرت 
تماماً....
أصحو كل يوم
أتلمس قوت يومي
وعافيتي
وأماني....
فأُوقن في طمأنينة
أنني كمن حيزت له الدنيا....
فلم أعد بحاجة
لأحلم....

لكنني...
رغم ذلك...
لا زلت أحلم...
بخيرٍ عظيم...
وصدقٍ يقين....
وقصور من لؤلؤ....
ورمالٍ تتلألأ...
ورياحين وأزهار...
وبساتين وأنهار....
ونمارق مصفوفة....
وزرابيّ مبثوثة...
بلا نَصَبٍ ولا تعب...
حلمتُ كثيراً،...
حلمت طويلاً.....
حتى أدركتُ 
بأن الدنيا
ما عادت تتسع لأحلامي....